بكت العيون على الفراق
قد كان ضيفاً حلّ بعد اشتياق
ضيفاً كريماً مُلِئ بفضائل الأخلاق
صيام وقيام.. وطيب الإنفاق
خصاله الطاعات.. ما فيها نفاق
ضيفا عزيزا طيب الأعراق
رمضان تبكي العيون.. في لحظة الفراق
رمضان فيك الخير يبقى في الاعماق
يبقى يُضيء القلب.. حتى موعد الإشراق
لحظاته زاد.. ليوم تُلفّ فيه الساق بالساق
يوم يُنادى.. إلى ربك يومئذ المساق
رمضان تبكي العيون في لحظة الفراق
غابت الكلمات فلم نجد ما نعبر به عن بالغ الأشواق
تمضي الليالي والشهور فما لمثله من مذاق
وكم تهفو له النفوس.. وتبحث عنه في الآفاق
يا ليت ربي يبلغنا رمضان أعواماً.. فكم له القلب يشتاق
ياخير من نزلَ النفوسَ أراحلُ بالأمسِ جئتَ فكيفَ كيفَ سترحلُ
بكتِ القلوبُ على وداعك حرقةً كيف العيـونُ إذا رحلتَ ستفعلُ
من للقلوبِ يضمها في حزنها من للنفوس لجرحهــا سيعلِّّلُ
ما الشهر الصومِ يمضي مسرعاً وشهـورُ باقي العام كم تتمهّلُ
عشنا انتظارك في الشهورِ بلوعةٍ فنزلتَ فينا زائراً يتعجّلُ
ها قد رحلت أيا حبيبُ، وعمرنا يمضي ومن يدري أَنتَستقبلُ
فعساكَ ربي قد قبلت صيامنا وعساكَ كُلَّ قيامنا تتقبَّلُ
ياليلة القدر المعظَّمِ أجرها هل إسمنا في الفائزينَ مسجّلُ؟
كم قائمٍ كم راكعٍ كم ساجد قد كانَ يدعو الله بل يتوسلُ
أعتقْ رقاباً قد أتتكَ يزيدُ شوقاً إليكَ فؤادُها المتوكِّلُ
فاضت دموعُ العين من أحداق وجرت على كفِّ الدُّعاءِ تُبلِّلُ
يامن تحبُّ العفو جئتُكَ مذنباً هلا عفوتَ فما سواكَ سأسألُ
هلاّ غفرتَ ذنوبنا في سابقٍ وجعلتنا في لاحقٍ لانفعلُ
ياسعدنا إن كانَ ذاكَ محقّقاً يا ويلنا إن لم نفزْ أو نُغسَلُ
بكت المساجدُ تشتكي عُمَّارها كم قَلَّ فيها قارئٌ ومُرتِّلُ
هذي صلاةُ الفجرِ تحزنُ حينما لم يبقَ فيها الصفُّ إلا الأولُ
هذا قيامُ اللِّيلِ يشكو صَحْبَهُ أضحى وحيداً دونه ميت ململُ
كم من فقيرٍ قد بكى متعففاً مَنْ بعدَ شهر الخير عنهم يسألُ؟
يامن عبدتم ربكم في شهركم حتى العبادةَ بالقَبولِ تُكَلَّلُ
لاتهجروا فعلَ العبادةِ بعدَه فلعلَّ ربي ما عبدتم يقبلُ
يامن أتى رمضانُ فيكَ مطهِّراً للنَّفسِ حتى حالها يتبدَّلُ
يمحو الذُّنوبَ عن التقيِّ إذا دعا ويزيدُ أجرَ المحسنينَ ويُجزِلُ
هل كنتَ تغفلُ عن عظيمِ مرادِه أم معرضاً عن فضلِه تتغافلُ
إن كنتَ تغفلُ فانتبهْ واظفرْ به أما التغافلُ شأنُ من لايعقِلُ
فالله يُمهلُ إنْ أرادَ لحكمةٍ لكنَّه، ياصاحبي، لا يُهمِلُ
إن كانَ هذا العامَ أعطى مهلةً هل يا تُرى في كُلِّ عامٍ يُمهِلُ؟
لايستوي من كان يعملُ مخلصاً هوَ والذي في شهره لايعملُ
رمضانُ لا تمضي وفينا غافلٌ ما كان يرجو الله أو يتذلَّلُ
حتى يعودَ لربه متضرِّعاً فهو الرحيمُ المنعمُ المُتفضّلُ
وهو العفوُّ لمن سيأتي نادماً عن ذنبهِ في كلِّ عفوٍ يأملُ
رمضانُ لا أدري أعمري ينقضي في قادم الأيامِ أم نتقابلُ!!
فالقلبُ غايةَ سعدِهِ سيعيشُها والعين في لقياكَ سوف أُكحِّلُ
وداعا بلياليك المزهرة المضيئة بقراءة القرآن وبعذب القيام والدعاء.
وداعا بنهارك المشرق بنور الصوم وصون الجوارح وذكر الله.
وداعا بنسمات المغرب العليلة والأيدى مرفوعة صوب السماء تلهج إلى الله بالدعاء وبالثناء. وتنتظر لحظات يطلق بعدها مدفع الافطار
إيذانا بانتهاء الصيام.
وداعا شهر رمضان، منذ أيام استقبلناك بالفرح والسرور والبشر والحبور، وها نحن الآن نقف فى نوافذ المنازل وعلى أبواب الدور، نودعك ونستودعك الله الذى لا تضيع ودائعه. وداعا ... وداعا ....